في بداية حياتي الهندسية اي منذ مايقارب السبعة عشر عاما تقريبا
او بعد التخرج مباشرة وقبل تعييني بالوظيفة ببضع أشهر حاولت ان اتمرن على العمل الهندسي فعملت في مجال المقاولات وضمن اعمال هندسية الى حد ما وذلك من خلال متابعة تنفيذ بعض الابنية واعمال الصرف الصحي والخزانات الارضية وما الى ذلك
وكان من احد اعمالنا تنفيذ خزان ارضي بجوار سد تخزيني حيث ان هذا السد عندما تم انشاؤه بقيت بجوار السد نبعة صغيرة تمرر الماء من خزان السد ضمن الصخور وتنساب فتتدفق بعد السد وحاول المهندسون والخبراء بشتى الوسائل (هذا ما علمته من زملائي حيث ان هذه المحاولات كانت قبل مجيئي للحياة )لايقافها فلم يفلحوا وباءت كل الجهود بالفشل فبقيت هذه النبعة تنساب مياها عذبة لكنها لاتصلح للشرب سيما وان مياه النهر بالاساس غير شروبة
وكان من ادارة السد ان فكروا باستثمار هذه المياه في عمليات غسيل الساحات في موقع ادارة السد فكان منهم ان اعدوا دراسة لهذا الامر بحيث يتم انشاء خزان ارضي يتم تجميع هذه المياه ثم تضخ الى المكان المطلوب فكان ان لزمت لنا هذه العملية
باشرنا العمل بعد التاكد من الاحداثيات بالموقع وكل الاجراءات حيث احضرنا البوكلين(الباكر) وبدأ بالحفر
وما ان انتهى من الحفر حيث ان ابعاد الحفرة هي 3*4 بعمق مترين
حيث امتلأت الحفرة بالمياه وتبين لنا ان هذه المياه ليست مياه النبعة انما عروق تحت الارض كانت تنساب ولم نكن نعلم بها ولا ادارة السد وكان تدفقها غزيرا .
فكرنا بحل هذه المعضلة فطرح علي مدير المكتب الفني بالسد ان نقوم بضخ المياه على مدار الساعة ونصب باسمنت سريع التصلب ومقاوم للكبريتات.فكرة ممكنة ولكنها مكلفة فالمياه ستستمر بالتدفق طيلة الحياة طالما ان في السد ماء.فخطرت لي فكرة انشاء فلتر طبيعي فقلت له مارأيك بان نقوم بعمل اخر وهو اقل تكلفة وهو ابدي ولانحتاج الى مضخات ومصاريفها واعطالها وكهرباء وصيانة الى اخره ,قال كيف؟
قت ننفذ فلترا طبيعيا , قال وكيف ذلك؟
قلت له دعني اعد لك الدراسة واقدمها غدا باذن الله .
وذهبت لمكتبي وجلست افكر بطريقة التنفيذ العملية حيث توصلت اخيرا لفكرة ان نقوم بالحفر لأعمق من منسوب التأسيس بحدود 0,5متر الى 0.75 متر ونزيد ابعاد الحفرة من كل جهة بحدود نصف متر ثم نحفر مخرجا للمياه يكون منسوبه اقل من منسوب الحفر الحالي علما ان طبيعة ارض المشروع فيها ميول طبيعية وبذلك يكون التصريف طبيعيا اي بالراحة وبذلك تعود المياه الزائدة الى مجرى النهر الواقع بعد السد ,مع صب جوانب خرسانية على الاطراف لضمان عدم جريان الحصيات مع الزمن ثم نستبدل هذه التربة بفلتر طبيعي من الحجارة كبيرة الحجم او كما تسمى اصطلاحا بلوكاج حجري باحجام تتراوح مقاسات الحجارة بحدود 30 سم للحجر الواحد ثم ندمكها جيدا عند الانتهاء من كل طبقة ثم نضع فوقها طبقة اخرى بمقاسات اقل بحدود 20 سم ثم مقاسات 10 سم ثم 5 سم ثم نقوم بفرش طبقة اخيرة من الحجر المكسر النظيف المستعمل في اعمال الخرسانة وبذلك نكون سمحنا للمياه بالانسياب بين الحجارة مع محافظتنا عليها من الجريان كما اسلفت ثم نقوم بصب بيتون النظافة ونؤسس ونكمل , ثم قمت باستشارة زميل لي اقدم مني بالهندسة بخمس سنوات فبارك الرأي وقال توكل على الله انه حل جيد وفعلا قدمت الدراسة في اليوم التالي واعتمدت ونفذنا ولله الحمد كانت تجربة ناجحة مع انها باكورة اعمالي
اتمنى ان تعجبكم الفكرة